تحليل عسكري

الكمائن: إستراتيجيةٌ لاستنزاف العدو في منطقة القتال

عندما يتعلق الأمر بالمواقف القتالية، فإن أحد أخطر السيناريوهات التي يمكن أن يواجهها الجندي هو “الكمين”.
الكمين: هو هجوم غير متوقع من قبل العدو، وغالباً ما يكون عنصر المفاجأة من جانبه.
وهذا يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، جسديا وعقليا، لأولئك الذين تفاجؤوا.
-إنَّ فهم خطر الكمائن أمر بالغ الأهمية للبقاء في منطقة القتال، خاصةً إذا كانت تكتيكات وأساليب المواجهة العسكرية مختلفةً، في حال وجود فوارق كبيرة بين الخصوم المتحاربة، وبناءً على طبيعة التضاريس التي يجري عليها القتال، وتعد الكمائن إحدى التكتيكات العسكرية الرئيسية.
-وتستخدم إستراتيجية “الكمائن” بشكلٍ عام في الحروب النظامية وغير النظامية، وهي أحد التكتيكات الرئيسية للقوات الخاصة، وتزيد أهميتها في حرب العصابات والحروب الهجينة، لأنها تسمح بتركيز جهد القوات الكامنة على أجزاء ضعيفة متحركة غالباً، ومن أهم ميزات الكمائن، “تحقيق مبدأ المفاجأة والمباغتة”.
-كما قد تستخدم الكمائن لصالح الدفاع كاستهداف العدو على الطرق المتوقع أن يسلكها أثناء التقدم للسيطرة على بعض المناطق، أو ربما تكون لصالح الهجوم وذلك لإضعاف قدرة العدو القتالية واستنزافه، لتقليل قدرته على الدفاع، وبالتالي السيطرة والتقدم السريع والسهل.
-واستخدمت الكمائن في بداية الثورة السورية على نطاق واسع، وكان لتلك الكمائن تأثير كبير على قدرات عصابات الأسد وإسقاط هيبتها من قلوب الشعب، وغالباً ما كانت تُستهدف الأرتال العسكرية أثناء تمركزها في نقاط جديدة، وأثناء الانسحاب من بعض الحواجز العسكرية التي كانت منتشرة بكثرة في البدايات.
-كما استخدمها المجـ ـاهدون الأفغان مع القوات البريطانية ثم مع الاتحاد السوفيتي ثم مع قوات الناتو، وقد تفنن الأفغان في إعداد الكمائن وتجهيزها، وكان لها النصيب الأكبر في إخراج قوات الناتو من أفغانستان.
-واستخدمتها أيضاً القوات الفيتنامية على نطاق واسع ضد الجيش الأمريكي، وكانت آخر تجربةٍ ناجحةٍ لحربٍ اعتمدتْ بشكلٍ رئيسي على الكمائن “حرب المقاومة الفلسطينية” في غزة ضد اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، إذ كان لذلك التكتيك نصيب الأسد من التكتيكات المتبعة ودمرت حتى الآن 1000 عربة والحرب مازالت قائمة.
ومن أهم أسباب نجاح الكمائن الرصد والاستطلاع الدقيقين، وتمركز صحيح بالنسبة للهدف، وتمويه متقن، وكثافة نارية عالية، والانسحاب السريع، والتي تؤدي إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف العدو، وتؤثر نفسياً على قواته وتجعله في هاجس وخوف مستمرين، وتزعزع صحته النفسية.
-ويجب على القوات العسكرية مهما كان حجمها وتقدمها، الاستفادة من هذا التكتيك لما له من تأثير على الخصوم، مع مراعاة طبيعة الخصم والأرض وطبيعة القتال الجاري، واستخدام الكمائن بطريقة حديثة تتناسب مع حالة الصراع القائمة.
ويعد التعلم من أخطاء الماضي، أمراً بالغ الأهمية للمهام المستقبلية في منطقة القتال، ومن خلال تبنِّي القدرة على التكيف، والتواصل والتنسيق الفعال، والتدريب المستمر والاستعداد، يمكن للجنود تجهيز أنفسهم بشكل أفضل للتغلب على تحديات الكمائن والخروج منتصرين في مواجهة الشدائد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى