تحليل عسكري

تكتيك الأرض المحروقة.. تاريخياً.. واقعياً.. أساليب الوقاية

سياسة الأرض المحروقة هي تكتيك عسكري يستخدم في الحروب تحرق فيها المناطق والممتلكات العامة والخاصة للخصم باستخدام كافة الأسلحة كالاستهداف الجوي بمختلف أنواع الطيران أو الاستهداف المدفعي بهدف تدمير قدرته على القتال وتقويض إرادته.
وأما تاريخياً، فيعود استخدام سياسة الأرض المحروقة إلى فترات مختلفة في التاريخ، ومن الصعب تحديد من الذي استخدمها لأول مرة، فهذه الإستراتيجية كانت معروفة ومستخدمة في أنحاء مختلفة من العالم.
مثلاً في العصور القديمة استخدم الأمازيغ في شمال إفريقيا سياسة الأرض المحروقة في مواجهة الغزو الروماني لمناطقهم، كما استخدم الرومان أيضًا هذه السياسة في حروبهم لتدمير المصادر الزراعية والاقتصادية للأعداء.
وفي العصور الحديثة، أصبحت سياسة الأرض المحروقة أكثر شهرة خلال الحرب العالمية الثانية، إذ استخدمتها العديد من الدول المشاركة في الصراع، مثل ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي والحلفاء، كما استخدمت في العديد من المعارك والحملات العسكرية مثل حرب الجبهة الشرقية بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي.
ومنذ ذلك الحين، استخدمت سياسة الأرض المحروقة في العديد من الصراعات الأخرى حول العالم، مثل حرب فيتنام وحرب الخليج الثانية وغيرها.
هذا ودخلت هذه الإستراتيجية معادلة الحرب السورية مع ظهور البراميل المتفجرة التي أدخلها العميد المجرم “سهيل الحسن” في بدايات عام الـ 2014، وتعد معركة “السفيرة” جنوب مدينة حلب أحد أبرز الأمثلة عليها.
وبالنسبة لأسلوب مقاومة هذا التكتيك يعتمد على جملة من العوامل التي تحدد الإجراء العسكري المضاد بحسب طبيعة الأرض وقوام وقدرات القوات الصديقة والمعادية والطقس وغيرها من الاعتبارات الميدانية.
فقد يلجأ المدافع في المناطق الحضرية إلى جذب المهاجم إلى داخل المدن لاحتواء العدو واستنزافه للحد من السيطرة الجوية والمدفعية للعدو، وقد يستخدم أسلوب الأنفاق والكمائن في المناطق الجبلية والحرشية وغير ذلك مما يفرضه الواقع الميداني والحالة العسكرية.
فيما جاءت سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها المحتل الروسي وعصابات الأسد بعد خسارة الأسد أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي السورية لصالح الثوار ونفاد جميع أوراقه، وبالتالي لم يتمكن من استرجاعها إلا باتباع هذه الطريقة الخسيسة التي لم يميز فيها بين طفل ورجل، وبين شيخ وامرأة، ما اضطر الفصائل في كثير من الأحيان إلى الانحياز من المناطق تخفيفا للخسائر البشرية، إذ كان المحتل وأذنابه يتعمدون استهداف الأهالي بشكل مباشر كورقة ضغط على الفصائل العسكرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى