حوار صحفي

القتال الليلي والحراري – عملياً

1- تحدثنا في حوارات سابقة عن أهمية القتال الليلي والحراري من الناحية النظرية، فهل تشرح لنا أهميته من الناحية العملية ؟

نعم، إن الحديث عن القتال الليلي يسحب المتحدث أو الباحث إلى مواضيع شتَّى ذات صلة بموضوعه ومنها:
بعد التطور التكنولوجي الكبير وظهور أجهزة الرؤية الليلية، كان أول مجال لاستخدامها هو ميدان الحروب والقتال لتعوض عدم إمكانية القتال ليلاً، وكانت الدول العظمى بعد الحرب العالمية الثانية تعمل على تطوير أجهزة الرؤية الليلية وأجهزة الإنارة، لتصبح أقوى مما كانت عليه في الحرب، لتنال تلك الدول حرية أكبر فى عمليات القتال الليلي.

2- كيف أصبحت وقائع القتال ليلاً بعد التطور التكنولوجي ؟

لقد بقيت الوقائع القتالية على حالها، حتَّى حلول عصر الآلة واستخدامها في الحرب، ومن ثم اكتشاف أجهزة الرؤيا الليلية، وتوجيه القذائف والصواريخ عن بعد، ليتحوَّل الليل مجالاً للقتال، أُسوةً بالنَّهار من الناحية الفنية، أو يصبح مكملاً له في الأعمال القتالية، أو عامل حسمٍ لبعض المعارك، حتى أصبح مفروضاً على جميع الجيوش الحديثة أن تقاتل بفاعلية ليلاً، ولا خيار لها من استثنائه في عملياتها الجارية، حتَّى تكونَ واقع قوامه:
– أن من لم يتعامل مع الظلام ويجاريه فنيَّاً ونفسياً، سوف يخسر المعركة.
– أن من يمتلك أجهزة الرؤيا الحديثة، ويجري التدريبات المناسبة والممارسات الصحيحة، ويتمتع بمعنويات عالية ستترجح كفته في المعركة، في الوقت الذي يكون عدم امتلاكها، عامل خسارةٍ للطرف المقابل.
– ومع هذا التطور الفني والتعبوي في القتال الليلي، بقيت تنظيرات القادة والاستراتيجيين العسكريين، ووصايا الجيوش وإجراءاتها في القتال الليلي “فاعلةً”، حتَّى الربع الأخير من القرن الماضي، الذي وجد فيه القادة العسكريون في ساحة معاركهم، أجهزةً ومعدات رؤيا وتوجيه، تقلل من أثر الظلام فيزيائياً، فسارعوا إلى المزاوجة بين الوصايا والإجراءات التقليدية للقتال الليلي.
معلومة عسكرية: بين سعة استخدام معدات الرؤيا الليلية، للاستفادة من عامل الظلام، واللجوء إليه يتحدد بغايات معينة هي :
– لإحداث مباغتةٍ تعبوية.
– لإكمال نجاحاتٍ متحققة.
– لإدامة الضغط على العدو.
– للتعويض عن بعض النقص الحاصل في إدامة زخم المعركة.
-لمسك منطقة حيوية لعمليات نهارية لاحقة.
معلومة عسكرية: من أهم مبادئ العمليات الليلية :
– عنصر المفاجئة من أهم عناصر الحرب على مر التاريخ و لكن زادت أهميته في المعارك الحديثة، بسبب انتشار أجهزة الاستطلاع والمراقبة.
– ومن المعروف أن الظلام يوفر إخفاءً جيداً للقوات عند تنفيذ مهامها القتالية وحيث أنَّ مفهوم المفاجئة يعنى استغلالاً ناجحاً وقوَّةً في استخدام القوات والقدرة القتالية التي تملكها الوحدات القتالية المهاجمة.
– ولذلك فإنَّ الظلام مع استخدام وسائل الرؤية اليلية يوفر عنصر المفاجئة بدرجة كبيرة، فهي تعني تنفيذ العملية أو الخطة أو الضربة أو الهجمة القتالية في الوقت المناسب، قبل أن يقوم العدو بالهجوم وأن تكون ردود أفعال العدو وتصرفاته واعماله القتالية، نتيجةً لقرارات الجيش المهاجم.
– ولا يخفى عن الجميع أو عمَّن خاض في معركتنا الأخيرة أو قام بمتابعة مجرياتها، أنَّ القتال ليلاً، غالباً ما كان يغير مجريات المعركة ويقلب موازينها، وذلك لشدة أهميته من الناحية العملية، فقد كان له أثر كبير في الدفاع والهجوم والرصد.

3- لو تحدثنا عن بعض الأمثلة التي جرت معكم في الساحة الشامية عن القتال الليلي :

– في الدفاع: لقد كان سلاح الحراري من الركائز الأساسية في الدفاع والهجوم ولا يمكن الاستغناء عنه، إذا تمكن المجاهدون باستغلال هذا السلاح في رصد تحركات العدو، ومشاهدة تسللاته، وضربه في الأوقات المناسبة، إذ طوَّر المجاهدون سلاح الحراري كي يتمكنوا من استخدامه على معظم أنواع الأسلحة، مما ساعد على قدرة مواجهة العدو بكل السلاح والعتاد في شدة ظلام الليل الحالك.
– في الهجوم: لقد تم استخدام سلاح الحراري في عمليات هجومية عديدة ومنها الإغارات، فقد تمكن مجاهدونا عبر استخدامهم سلاح الحراري والمعدات الليلية،من التسلل إلى أماكن حساسةٍ لدى العدو، ومنها ما يتعدى الخطوط الأولى وضربه في العمق، ومثال ذلك ما حققته “العصائب الحمراء في جبال طوروس وجبالا وغيرها، وما حققته سرايا الحراري في معظم المحاور في ضرباتها وإغاراتها على العدو”.
– فقد اعتمد عدونا في الحملة الأخيرة التي شنَّها على المنطقة المحررة، على القتال ليلاً بشدِّةٍ كبيرة، إذ إنَّ الذي يملك المعدات الليلية والحرارية، غالباً ما يقوم بحسم المعركة لصالحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى