قصة قصيرة

أحداث تكتم الأنفاس أثناء الانغماس

كانت حادثة مميزة في مسيرتي الجهادية إذ رأيت فيها ملامح النصر ولمست من خلالها ضعف العدو، ووجدت فيها نتائج الجد والجهد والتعب، فبعد شهور عديدة من الرصد والاستطلاع ومتابعة تحركات الهدف المحدد ومعرفة أدق تفاصيله ..
رفع الأمر إلى قيادة العمليات لتأتي الموافقة على القيام بالعملية الانغماسية فكان خبرا مفرحا بالنسبة لي ولرفاقي لأننا كنا ننتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر، فبدأ رفاقي يتزاحمون عسى يختارهم القائد للقيام بهذه المهمة، فكانت الأعناق مشرأبة والوجوه متلهفة والعيون مشتاقة ليرى كل شخص اسمه ضمن قائمة المنفذين، وعندما سمعت اسمي كدت أطير من الفرح وشعرت بسعادة وسرور عارمين.
وعندما دقت ساعة الصفر وبدأ الانقضاض على المجرمين تحركنا نحو الهدف، وكنت أرى في وجوه إخوتي من حولي حماسًا واشتياقًا للثأر لديننا وشهدائنا وأسرانا ومساجدنا وحرماتنا ومهجرينا.
أكرمنا الله وتجاوزنا الخط الأول للعدو وعيوننا ترقب كل حركة وفي كل الاتجاهات فكان الأمر صعبا إلا أننا استخدمنا كل المهارات التي تعلمناها من قبل، وما إن وصل كل منا إلى الموقع الذي رسم له ضمن خطة محكمة حتى التجأنا إلى الله في قلوبنا وتبرأنا من حولنا وقوتنا ونصبنا موعود الله لنا بالنصر أمام أعيننا.
ثم جاءتنا شارة البدء بالصولة على عصابات الإجرام..فتوجه كُل شخص منا على هدفه لتمشيطه وتطهيره من رجس من فيه .. فكان أول ما صادفني أثناء حركتي هو عُنصرٌ ذو جسمٍ ضخم يترنح بين غافلٍ ومتيقظ فنظر إليّ وشَحُبَ وجهه ..وعلى الفور أرديته قتيلاً بحول الله وقوته، كان قد خرج من دشمة فيها رشاش متوسط يستهدف به المرابطين وطرق المجاهدين والأهالي.
وفي الوقت نفسه بدأت صيحات التكبير تعلو في المكان تقرع قلوب الأعداء، الذين لا يعلمون مصدرها أو ما الذي يحدث في نقاطهم كأنهم بعثوا من قبورهم فكان عنصر المباغتة عاملا حاسما لصالحنا تمكنا من خلاله بعد توفيق الله من تحقيق هدفنا بأقل جهد، ثم بدأ الالتحام مع عناصر ميليشيات الأسد.
أثناء الاشتباك اختبأ عُنصران داخل دشمة محصنة من هول ما هم فيه ظنا منهما أنها ستحميهما منا، وبعد محاولات عديدة لقتلهما تارة وأسرهما تارة أخرى، لم يكن هناك جدوى،
فوثب أسدان من المجاهدين بكل جرأة وشجاعة، فانقضا عليهما وقالا: (اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى) طلبوها بصدق فنالوها إنهما الشهيدان (أبو سامر السبع وأبو فاروق) زفا إلى جنان الخلد -إن شاء الله- بعد إحداث إصابات بليغة بالعنصرين،.لنقوم بعدها بالإجهاز عليهما وعلى من بقي في الموقع وتدمير معداتهم واغتنام أسلحتهم، ثم بدأنا بالتراجع ونقل الشهيدين من المكان.
بعد ذلك بدأت ميليشيات الأسد تستعيد وعيها بعد الصفعة التي تلقتها على أيدي المجاهدين فجراً، فشرعت كالعادة بالانتقام من الأهالي بالقصف على عموم المنطقة فتذكرت قوله تعالى: (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيما).
نعم إننا فقدنا اثنين من رفاقنا ولكن الله أكرمنا في هذه العملية بقتل وإصابة أكثر من 15 عنصرا فضلاً عن تدمير الموقع واغتنام الأسلحة التي فيه، وذلك ليعلم الجميع كيف تكون المصالحات وأننا سنثأر للحرمات وما أنجزناه إنما هو غيضٌ من فيض والقادم أدهى وأمر.
وهذا والله ليس حباً بسفك الدماء وإنما هو حق الدفاع عن النفس ودفع العدو الصائل عن العباد والبلاد، فلن أتوقف عن تنفيذ مثل تلك العملية وسأحرص على أن أكون في الصفوف الأولى فهدفي هو إرضاء ربي في تحرير أرضي والذود عن عرضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى