تقرير مكتوب

جهود حثيثة أفضت إلى المأسسة العسكرية وعقلية تطويرية مفتوحة بعد 13 سنة

انطلقت الثورة السورية سلمية خالصة بأعواد الزيتون، لكن حجم القمع الدموي الكبير اضطرها لاتخاذ مسار الثورة المسلحة، ولم يكن لدى الثائرين أي تجربة سابقة، كما أنهم لم يستوردوا أي نموذج لأي ثورة مسلحة قامت من قبل، إذ كانت عفوية وردة فعل طبيعية لجرائم الأسد.

بداية التنظيم العسكري

بدأت المجموعات الثورية التي تحمل السلاح عملها بشكل عفوي،وكان يشوب عملها الكثير من الأخطاء التنظيمية والتكتيكية، لكنها رغم ذلك حققت الكثير من التقدم العسكري والانتصارات على جيش نظامي يمتلك عتادا لا بأس به.
ومع مرور الوقت تطورت المجموعات إلى فصائل لديها قيادة وإدارة وعلاقات متينة مع باقي الفصائل، واستمرت الجهود حتى وصلت إلى وقتنا الحالي وما هي عليه الآن.

إدارة قوية ومتماسكة ووحدة القرار

سعت الفصائل العسكرية في الثورة السورية إلى توحيد القرار العسكري لما فيه من قوة وصلابة أمام العدو الروسي والإيراني وعصابات الأسد، ومرت خلال ذلك بالعديد من التجارب آخرها غرفة عمليات الفتح المبين، التي جمعت كوادر الثورة وعتادها تحت قرار واحد تجلى أثره خلال العامين الماضيين، إن كان بتوقف تقدم العدو نحو المناطق المحررة، أو العمليات النوعية المنظمة والتنسيق العالي بين مختلف الجبهات على طول المحرر، فاليوم مكونات الفتح المبين تشكل نواة لجيش موحد قادر على إدارة وتنفيذ معركة التحرير القادمة.

مرونة وسرعة في التحرك

عانت الفصائل العسكرية سابقا من ثقل التحرك وتنفيذ المهام العسكرية خلال المعارك، إذ إن تعدد القيادات لدى الفصائل كان يحتاج لمزيد من التنسيق، فكان تجميع القوات لفتح المعارك يستغرق أسابيع وربما أشهر، وفي كثير من الأحيان كانت الفصائل تفقد عنصر المفاجأة.
واليوم مع وجود مؤسسة عسكرية ذات ترتيب إداري مميز، أصبح تحريك القوات أمرا سهلا، مع وجود القرار المركزي الذي يمكنه أن ينفذ أي عملية عسكرية بغضون ساعات، وهذا ما ظهر خلال العمليات النوعية التي كانت تنفذ بعد ساعات قليلة من اعتداءات عصابات الأسد على الشمال المحرر.

عقلية تطويرية مفتوحة

تتميز الثورة السورية بعدم انغلاقها على نفسها بل تمكنت من تحقيق قفزات نوعية على مستوى المؤسسة العسكرية، سواء على مستوى الإدارة والتنظيم الإداري وربط المقاتلين بالقيادة بشكل مباشر، ضمن آلية فريدة، أو على مستوى خلق جو انسجام عجيب بين القيادة والمقاتل، وأيضا استقلالية المؤسسة العسكرية عن الظروف المحيطة التي يمكن أن تؤثر به، ومثال ذلك الأزمة الأمنية الأخيرة التي لم تؤثر على عمل المقاتلين، بل شهدنا عدة عمليات نوعية أثناء تلك الأزمة.
لم يقتصر التطوير على الإدارة فقط بل تعداه للأسلحة الهجومية والدفاعية، إذ وجدت فرق متخصصة فقط بالتطوير، فنجحت بصناعة أسلحة جديدة، ونجحت أيضا بتطوير العديد من الأسلحة لتتناسب مع ظروف المعركة الحالية.
واليوم بعد 13 سنة تتبلور رؤية الثورة السورية عسكريا، عبر وجود كلية عسكرية وقيادة موحدة، وخطة استراتيجية شاملة لمعركة التحرير القادمة، منطلقة من أهداف الثورة السورية التي لم تنجح أي جهة إلى الآن بحرفها عن مسارها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى