تقرير مكتوب

تدرج الموقف التركي منذ انطلاق الثورة السورية وحتى اليوم

مع انطلاق الثورة السورية عام 2011 برزت الكثير من المواقف الدولية حيالها، فبينما أيدتها بعض الدول؛ ناصبتها أخرى العداء، هنا ظهر الموقف التركي محاولا النصح للعصابة للسيطرة على الوضع قبل أن يتفاقم.
زيارة وزير الخارجية التركي لسورية عام2011.
بادرت تركيا إلى التواصل الدبلوماسي مع رأس العصابة وأرسلت وزير خارجيتها “داود أوغلوا” للبحث مع المسؤولين فيها للوصول إلى حل يرضي الجميع ويوقف نزيف الدم، ولضمان الحفاظ على وضع هادئ على حدود تبلغ أكثر من 800 كيلو مترا بين الدولتين.
لكن رد رأس العصابة كان غاية في السخف والصلف فأخبر الأتراك أنه لن يتوقف عن استهداف الخارجين على القانون…! وطالب أوغلوا بأن تغلق بلاده حدودها أمام الفارين من سوريا -على حد زعمه- متجاهلا ما يحدث في المدن السورية من قتل للمتظاهرين واعتقال وتعذيب وإخفاء لكل من تصل إليه أيدي عناصر عصابته وشبيحته، ليعود الوزير التركي إلى أنقرة خاوي الوفاض.
قطع العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وعصابات الأسد عام 2012.
بعد قرار الجامعة العربية في تشرين الثاني 2011 فرض عقوبات سياسية واقتصادية على عصابة الأسد، بدعم من أمريكيا؛ تغير الموقف التركي ففرض هو أيضا من جهته عقوبات وجمد أموال أشخاص مقربين من رأس العصابة، ومنع التجارة عبر الحدود التركية مع العصابات حتى وصل الأمر لفرض مقاطعة برية وجوية وبحرية وإعلان الدعم للثورة السورية.
وشرعت تركيا بإقامة مخيمات للاجئين على حدودها ما أثار غضب العصابة التي بدأت عبر أبواقها بكيل الاتهامات لتركيا بدعم المسلحين.
كما أقدمت تركيا على طرد الموظفين في القنصلية السورية في مدينة غازي عنتاب في كانون الثاني 2012، معلنة استضافة كل شخص يقدم فارا من بطش عصابات الأسد وإرهابها، بعد ارتكابه المجازر على يد ميليشيات طائفية أطلقت لقمع الشعب الثائر كان أبرزها مجزرة الحولة آنذاك.
ازدادت العلاقات توترا بعد سقوط قذائف مصدرها سلاح العصابة على إحدى القرى التركية ما أسفر عن مقتل 5 مدنيين وإصابة آخرين، وحصول مناوشات عديدة على طول الحدود.، كما أسقط تركيا طائرة روسية.
واستهدفت تفجيرات متتالية مدينة الريحانية في أيار 2013، أدت إلى مقتل العشرات وإصابة المئات، لتظهر التحقيقات أن الاستخبارات السورية تقف خلفها، بهدف زعزعة الاستقرار في تركيا وإثارة النعرات ضد اللاجئين السوريين.
تركيا تسعى لإنشاء حلف دولي لإسقاط الأسد المجرم ومحاسبته بعد عام 2014.
عقب الوصول إلى طريق مسدود للحلول السياسية التي طرحتها تركيا على العصابة وتوتر العلاقات بينهما، بدأت تركيا بالسعي لإنشاء تحالف دولي تحت مظلة قرار مجلس الأمن لضرب العصابة وإسقاط رأسها، عبر عدة مؤتمرات في جنيف وغيرها لكن هذا المطلب رفض بعد استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، فعمدت تركيا لتدريب بعض فصائل الثورة على الحدود ودعم مجموعات محلية تشكلت من ضباط وجنود منشقين ومتطوعين من أبناء الشعب الذي يريد أن يدافع نفسه.
وبعد تشكيل جيش الفتح في 2015 وتحرير مدينة إدلب على يد الفصائل الثورية بادرت تركيا بالتدخل شمال حلب لحماية حدودها من خطر الأحزاب الانفصالية والتنظيمات التي بدأت تضايقها، وتنفذ هجمات ضدها، فحررت منطقة درع الفرات مع فصائل من حلب، فلم تصطدم العصابة معها، بل انسحبت من بعض المواقع التي ترغب تركيا في تحريرها، واستنجدت بالمحتلين الروسي والإيراني.
التدخل الروسي الإيراني وإطلاق مؤتمرات أستانا وسوتشي.
بعد التدخل الروسي والإيراني لصالح عصابات الأسد وسقوط حلب بأيديهم، دعت روسيا تركيا وإيران لمؤتمرات أستانا وخفض التصعيد والاتفاق على تجميد جبهات القتال شمال سوريا وجنوبها، وبدأ المكر الروسي بحصار المدن والبلدات التي لم تستطيع العصابة السيطرة عليها من الغوطة إلى القلمون وحمص وآخرها درعا ما أجبر الثوار على الانسحاب إلى الشمال السوري.
وشيئا فشيئا تراجعت حدة الموقف التركي، وأصبح يدعو إلى حل سياسي بعد أن كان يطالب بإسقاط الأسد، وأصبح الهدف التركي هو ميليشيا قسد التي تدعمها دول غربية ما تعده تركيا خطرا وشيكا، وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تحاربه منذ عقود؛ وتحول الموقف التركي إلى تنسيق استخباراتي مع العصابة بطلب من المحتل الروسي للوصول إلى حل يقضي على ميليشيا قسد، التي أنشأت بمباركة الأسد المجرم.
تصريحات المسؤولين الأتراك عن التقارب مع العصابة وضغوط المعارضة التركية.
بعد الضغوطات والممارسات العنصرية من بعض أحزاب المعارضة التركية ضد اللاجئين السوريين، يصرح وزير الخارجية التركي “جاويش أوغلوا” أن بلاده تسعى للتقارب مع الأسد لإيجاد حل للوضع السوري وإجهاض مشروع تقسيم سوريا -قاصدا مناطق سيطرة ميليشيا قسد- فاجعا الشعب السوري الثائر الذي انتفض بمظاهرات عارمة رافضا هذه التصريحات معبرا عن استمرار ثورته حتى إسقاط الأسد المجرم وعصابته وطرد المحتلين.
شهدت العلاقات التركية مع عصابات الأسد تطورات كثيرة خلال سني الثورة السورية ووصلت إلى مواجهات مباشرة في عدة أماكن وقع على إثرها عشرات القتلى والجرحى من الجانب التركي والمئات من العصابة وتتوجه العلاقات اليوم إلى مصير مجهول يحيطه الغموض بين الجانبين؛ إذ لا يوحي الواقع إلى تطبيق أي من تلك التصريحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى