تقرير مكتوب

حين يتحول معبر “باب الهوى” إلى كرةٍ في ملعب المساومات الدولية

فريق التحرير

اعتادت روسيا خلال السنوات الماضية أن تستغل ملف المساعدات عبر الحدود، لتحصيل مكاسب سياسية في ملفات أخرى، حيث عرقلت مشروع قرار في مجلس الأمن ينص على تمديد آلية إيصال مساعدات الأمم المتحدة إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لمدة سنة، وبررت ذلك بأن المشروع “يشكل تحديًا لإرادة دمشق”.

ابتزاز روسي في مجلس الأمن

تستخدم روسيا الفيتو ضد مشروع القرار الغربي الذي يدعو إلى تمديد الآلية لمدة عام، قبل أن تحبط الدول الغربية المشروع الروسي الذي سعى إلى تمديد الآلية 6 أشهر فقط. وعقب الفشل بالتوصل إلى اتفاق، أكد نائب السفير الروسي ديمتري بوليانسكي، للصحافيين، أن روسيا لن تدعم كذلك مقترح التمديد لتسعة أشهر الذي تقدّمت به بعض الدول، وهي تتمسك كلّيا بمشروعها المتعلق بالتمديد لستة أشهر فقط، مؤكداً تمسك بلاده أيضاً بضرورة أن تكون عصابات الأسد هي المستفيد الأول من التمديد لآلية نقل المساعدات.

تحذيرات واسعة من توقف المساعدات الإنسانية

وصفت منظمات غير حكومية ما انتهت إليه مداولات مجلس الأمن بأنها مدمِّرة، وقال مدير الاستجابة لدى منظمة “أنقذوا الأطفال”، تامر كيرولوس، إنَّ فشل المجلس في تجديد التفويض لمرور المساعدات، يعرّض حياة مئات الآلاف من الأطفال للخطر”، فيما اعتبر الرئيس التنفيذي لمؤسسة “ميرسي”، أنّ الصراعات السياسية بين الدول طغت على الاحتياجات الإنسانية الضرورية للسوريين المعرضين للخطر.

حلول لإدخال المساعدات دون الرجوع لمجلس الأمن

برزت العديد من الحلول لتأمين البدائل لآلية إدخال المساعدات، من بينها تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي والاستثمار في الموارد وفي الطاقات الذاتية للمجتمع المحلي، إضافة إلى إمكانية تقديم بطاقات لها قيمة نقدية للمستفيدين من المساعدات، كما رأى الباحث أيمن عبد النور، أنّ هناك الآن حلّين في حال فشل جهود تمديد آلية إدخال المساعدات.
الأول في استمرار إدخال المساعدات عن طريق تركيا من دون مجلس الأمن، وعلى هذا تمّت إضافة تركيا إلى الدول “المتشابهة التفكير” قبل عدة أشهر، أمّا الحل الثاني، فهو توزيع بطاقات لها قيمة مالية ليستفيد منها النازح بالشراء من خلال السوق المحلية، إضافة إلى إمكانية استخدام ورقة الضغط على النظام من خلال تقليص المواد المسلّمة إليه.

إحصائية لعدد السكان الذين هم بحاجة للمساعدات الإنسانية

تقدّر الأمم المتحدة أن أغلبية السكان في أرياف إدلب وحلب بحاجة لمساعدات إنسانية، أي أكثر من أربعة ملايين شخص، وهي تقدم المساعدات لأكثر من 2.5 مليون شخص في تلك المنطقة من هؤلاء الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ماسة، ويقول عبد الخالق البدلي، مدير منظمة تكافل الشام في الداخل السوري، إنَّ توقف المساعدات من معبر باب الهوى الحدودي سيؤثر على حياة مليون و700 ألف نسمة، من الذين هم تحت خط الفقر، بسبب نزوحهم وفقدهم لمصادر الرزق، وانقطاع المساعدات سيؤثر بشكل كبير على هؤلاء السكان، في جانب الغذاء والصحة والنظافة، كما ستشهد المنطقة انتشاراً للأمراض والأوبئة.

آليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا

يشار إلى أنه توجد ثلاث آليات معتمدة لإدخال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سورية، وتقوم الآلية الأولى على إدخالها إلى داخل مناطق عصابات الأسد، ثم توزع عن طريق “الهلال الأحمر السوري” المرتبط بها، أما الآلية الثانية، فتكون عبر الخطوط من داخل سورية وتعبر بين مناطق عصابات الأسد والمعارضة، أمّا الآلية الثالثة، فهي عبر الحدود، والتي تمّت من خلال قرار مجلس الأمن، فتسمح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بإدخال المساعدات الإنسانية من خارج سورية وتنفيذ مشاريع في مناطق خارج سيطرة عصابات الأسد، من دون موافقته.
هذا وعمدت روسيا في الأعوام الأخيرة إلى استخدام حق النقض مرارًا في ما يتعلق بالأزمة السورية بشكل عام وملف المساعدات الإنسانية بشكل خاص، وكان آخره بعد مشروع قرار قدمته كل من النرويج وإيرلندا لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا دون موافقة عصابات الأسد لعام واحد، ولم تقبل روسيا سوى تمديده 6 أشهر فقط، ومارست عشرات المنظمات غير الحكومية ومسؤولون كبارا في الأمم المتحدة ضغوطًا في الأسابيع الأخيرة على أعضاء مجلس الأمن لتمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود لعام إضافي، لكن دون جدوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى