تحليل عسكري

الحرب الروسية في أوكرانيا والانسحابات الأخيرة

غلبت القوات الروسية من “ليمان” كما هزمت من قبل في “خاركوف”, فالسيناريو يتكرر، ولا تزال القيادة العسكرية الروسية تزعم أن ذلك حصل حفاظا على أرواح الجنود الروس، ولكنا رأينا كيف اتهم الرئيس الشيشاني رمضان قديروف أحد القادة العسكريين في هذه المنطقة وهو “ألكسندر بافل” بأنه لم يجمع المعلومات الاستخباراتية اللازمة ولم يقدمها للجنود الروس الموجودين فيها.
ومن ناحية أخرى وفي منطقة “ليش تشانغ” الإستراتيجية تواجه الوحدات الأوكرانية حاليا مشكلات فيما يتعلق بـاللوجستيات، وكذلك الطيران الحربي الروسي يستهدف هذه القوات لكن من الواضح بأن المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية للقوات الأوكرانية وكذلك السلاح المتطور مثل “منظومة هيمارس” وغيرها تساعد القوات الأوكرانية في القتال وفي التقدم.
وفيما يخص موضوع استعمال السلاح النووي أو البيولوجي أو الكيماوي، فكل الاحتمالات مفتوحة، ولكن من المرجح في الوقت الراهن أن لا نية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستعمال السلاح النووي، أما إذا استمر تقدم القوات الأوكرانية أو استهدفت الأراضي الروسية فكل الاحتمالات مفتوحة، ولكن في العقيدة العسكرية الروسية هناك نقطة مهمة يجب أن نفهمها بأن السلاح النووي التكتيكي يمكن استعماله إذا تعرضت الأراضي الروسية للتهديد.
من المرجح أن يستمر التصعيد بين روسيا والدول الغربية حتى عام 2024 عندما تحين الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في روسيا، يمكن حينئذ أن تطرأ فيها تغيرات تنهي الحرب.
كما أرجح أن تحاول الولايات المتحدة الأمريكية فتح جبهات أخرى ضد روسيا، والحديث هنا عن جبهة جورجيا وذلك لعزل روسيا اقتصاديا ولكن هذا الامر ليس واضحا حتى الآن، ونحن لا نرى أي تحركات للولايات المتحدة الأمريكية حتى في الملف السوري، لكن بكل تأكيد أعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية تفكر الآن بفتح جبهات أخرى وأيضا هناك محاولات للضغط على قوميات مختلفة في منطقة القوقاز الشمالي كداغستان وغيرها من المناطق الروسية ولكني أعتقد أنها لن تنجح حاليا.
هناك انقسام الآن في المجتمع الروسي بشأن الحرب في أوكرانيا، وهذا الانقسام يمكن أن يتسبب في المستقبل القريب بمشاكل سياسية، هذه المشاكل ليست بجديدة في حقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذ وقعت مشاكل كبيرة في الداخل الروسي من قبل، بدءا من الانتخابات في البرلمان إلى الانتخابات المحلية التي نجح فيها الحزب الحاكم “روسيا الموحدة” ولم تنجح فيها المعارضة.
الآن نرى انقساما في الأوليغارشية الروسية، فهناك عدد منهم يدعمون العملية العسكرية الروسية في الأوكرانية. مثل “ريانكو” مؤسس فاغنر، التي كان لها يد في الملف السوري، وكانت تقاتل بجانب عصابات الأسد، كما أنها تقاتل الآن إلى جانب القوات الروسية على الأراضي الأوكرانية، وأيضا هناك جزء من الأوليغارشية الروسية ذات نفوذ في السلطة، وعلى علاقة قوية مع الرئيس السابق للاتحاد الروسي “بوريس يلتسن” كـ”أبراموفتش” و”شبايس” و”خضر كوف” وغيرهم من الشخصيات الذين لديهم تأثير على الداخل الروسي وهم معارضون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذا الخلاف قد يتسبب بمشاكل أو انقسام في الداخل الروسي.
الكرملين وقع في خطأ كبير في ملف التعبئة الجزئية من مناطق مختلفة، وخصوصا في منطقة القوقاز الشمالي في داغستان حيث رأينا الاحتجاجات في العاصمة “محج قلعة” وغيرها التي خرج فيها الناس رفضا للتعبئة الجزئية، إذ دعي أناس أو مواطنون لم يخدموا العسكرية من قبل أو يكونوا في الجيش الروسي ولم يتدربوا على القتال، وهناك أخطاء مستمرة حتى الآن في أوكرانيا من القيادة العسكرية الروسية لأنها لا تعتمد إستراتيجية واضحة.
وأختم بالقول: إن الملف السوري لم يلق اهتماما مثل الذي حظيت به أوكرانيا، ولم تقدم المعلومات الاستخباراتية والسلاح للثوار السوريين كما نرى الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يدعمون الطرف الأوكراني بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية وغيرها، لذلك نرى هذا التقدم والانتصار الأوكراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى