حوار صحفي

اهتماماتُ الداخل السوري.. عزوفٌ عن الحقائق وميلٌ للشائعات

1- كيف تؤثر الشائعات على الفرد والمجتمع في المنطقة المحررة؟

تؤثر الشائعات سلبًا على الفرد والمجتمع في مناطق الشمال السوري المحرر بعدة طرق.
فعلى الصعيد الفردي قد تسبب الشائعات القلق والتوتر والضغط النفسي وتؤثر على العلاقات الشخصية وتؤدي الى انعدام الثقة بالنفس والثقة بين الأفراد.
أما على صعيد المجتمع، فقد تؤدي الشائعات إلى انقسامات وتشويه صورة الأشخاص أو المؤسسات القائمة على إدارة المناطق المحررة، أو الفصائل والهيئات الثورية وتزيد من حالة عدم الاستقرار والتوتر بين مكونات الحاضنة الشعبية للثورة.
ولتوضيح الامر اكثر لا بد لي من الحديث عن الشائعات بشكل مجرد، حيث تتشكل الشائعة من خمسة عناصر أساسية وهي:
1- المصدر:
وهو من ينشئ الشائعة ويستفيد من ترويجها.
2- الرسالة:
وهي مضمون الشائعة ونوعها.
3- القناة:
وهي الوسيلة والطريقة التي ستروج بها الشائعة.
4- الطرف المستهدف:
وهو الشخص أو الجهة أو الجماعة التي صممت الشائعة لأجلها بغية تحقيق أهداف معينة ضدها.
5- الارتداد:
وهو الأثر الناجم عن الإشاعة، ومدى تأثر الطرف المستهدف بها.

2- كيف تتغلغل الشائعات في الوسط الشعبي داخل المنطقة المحررة ؟

تتغلغل الشائعات في الوسط الشعبي داخل المنطقة المحررة عادة عن طريق الانتشار السريع والمكثف في الأوساط الاجتماعية عن طريق وسائل الاتصال الشائعة مثل وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها والمحادثات الشخصية وتنتقل الشائعات بسرعة من خلال النقاشات الشفهية بين الأشخاص، وتنتشر بسرعة أكبر عبر الإنترنت، حيث يصعب التحقق من صحتها.
وتكون الشائعات أحيانًا مثيرة للاهتمام أو مخيفة أو ذات طبيعة استفزازية مما يجعل الناس ينقلونها بلا وعي ودون التحقق من صحتها، مما يسهم في انتشارها بشكل أوسع وخاصة إذا ما اعتمدت الشائعات على أسس ووقائع صحيحة ولو جزئياً ومرتبطة بحياة الناس من خلال استغلال أخطاء الأشخاص أو الجهات المراد تشويه صورتها بتضخيم الأخطاء وإعطائها سمة العقيدة والمنهج، الأمر الذي يجعل الإشاعة قابلة للتصديق بشكل أكبر.

3- أمثلة عن بعض الشائعات التي تم بثها في المحرر ؟

انتشرت في الآونة الأخيرة مجموعة من الشائعات المقلقة والمخيفة، وكان آخرها شائعة “تجهيز عصابات الأسد لشن حملة عسكرية ضد المحرر”، مع بث إعلام العصابات وذبابها الإلكتروني لصور “أرتال عسكرية – دبابات – مجموعات عناصر” في وسائل التواصل الاجتماعي، يرافقها عبارات مستفزة كـ”طوفان إدلب – قادمون يا إدلب”، ليتبين، أنَّها محض إشاعات اعتمدتها العصابات لبث الرعب بين الأهالي في المحرر، مستفيدةً من حالة عدم الاستقرار والتجاذبات والمظاهرات المطالبة بالإصلاح والتغيير، التي تعيشها المنطقة المحررة، وهذه الحالة تعتبر بيئة خصبة لتلقّي الإشاعات التي يبثها العدو باعتبار أن المحرر منطقياً، يُعتبر في أضعف حالاته بسبب ما يحصل به من تجاذبات وصراعات وانقسامات، ولذلك ليس من الغريب في الأمر سرعة تداولها وانتشارها كانتشار النار في الهشيم، وترويجها بشكل مخيف، واقتناع بعض من المروجين لها بصحتها، حيث أصبحت مثار بلبلة وقلق وجدل في المنطقة المحررة.

4- ما هي الآثار السلبية للشائعات على المنطقة المحررة وأهلها ؟

الشائعات لها آثار سلبية عديدة على المنطقة المحررة ومنها:
1- تشويه السمعة:
تؤدي الشائعات إلى تشويه سمعة الأفراد أو المؤسسات وخلق حالة من انعدام الثقة بين الحاضنة الشعبية والجهة القائمة على ادارة المحرر.
2- تأثير على العلاقات الاجتماعية:
تؤدي الشائعات عادة إلى انقسامات وتوتر في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد أو المجتمعات وقد ينعكس ذلك على العلاقة بين الفصائل الثورية فيما بينها وبين الحاضنة الشعبية للثورة.
3- زعزعة الاستقرار النفسي للأفراد:
يمكن أن تسبب الشائعات القلق والضغط النفسي للأفراد الذين يتعرضون لها مما يدفعهم للعيش في حالة من الخوف والقلق وربما الى اتخاذ قرارات ارتجالية خاطئة تحت تأثير ضغط الشائعات المعادية.
4- التأثير على القرارات والسياسات:
تؤدي الشائعات إلى تشكيل ضغط كبير على القادة على مختلف المستويات وقد يدفعهم ذلك الى اتخاذ قرارات ارتجالية خاطئة أو اتباع سياسات سيئة على مبدأ رد الفعل الانفعالي استنادًا إلى معلومات غير صحيحة.
5- التأثير على الاقتصاد والحياة المعيشية:
قد تؤدي الشائعات إلى تقلبات في الأسواق وبالتالي يكون لذلك تأثير سلبي على الاقتصاد والحالة المعيشية للمواطنين وكذلك على استقرار الأسعار وتوفر المواد الأساسية.
6- فقدان الثقة:
تؤدي الشائعات إلى حالة من الشك وفقدان الثقة بين الأفراد والمؤسسات، مما يؤثر على التعاون والتواصل السليم وحالة الانضباط والالتزام بالقوانين.

5- كيفية مواجهة الشائعات وماهي وسائل مكافحتها ؟

إن مواجهة الشائعات يتطلب التعامل معها بحذر وحنكة وذكاء ومن قبل اختصاصيين، ولتحقيق ذلك لا بد من اتباع الخطوات التالية:
• التحقق من مصدر الشائعة ومعرفة الغاية منها.
• دراسة طبيعة الإشاعة ومدى تأثيرها على الأفراد والمجتمع.
• بناء شبكة من الأشخاص الاختصاصيين بالحرب النفسية وعلم الاجتماع والناشطين الثوريين والإعلاميين الواعين المؤمنين بقضية الثورة والحريصين على مصلحة المجتمع، ليقوموا بالتصدي للشائعات بطريقة علمية مهنية.
• الابتعاد عن التشنج والعشوائية والارتجالية في التعامل مع الشائعات، وكبح جماح المتهورين، لأن ضررهم أكبر من نفعهم في هذه الحالات.
• تكذيب وتفنيد الإشاعات من قبل أشخاص أو مؤسسات تحظى بثقة الحاضنة الشعبية.

-وأخيراً فالشائعات تعتبر شكل من أشكال الحرب النفسية المعادية، والتي تستخدم لقهر إرادة المجتمع الثوري وتفكيكه وإثارة الصراعات بين مكوناته، لقتل إرادته في الصمود والقتال وإفقاده ثقته بمشروعية الثورة وإمكانية انتصارها.
لذلك فإن تحصين الأفراد والمجتمع ضد الحرب النفسية المعادية، يعتبر أمراً مهماً وضرورياً، والتصدي للشائعات المعادية لا يقلُّ أهميةً عن خوض المعارك العسكرية في إطار معركة التحرير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى