Uncategorized

الثورة السورية المسلحة بين الاستنزاف والتوازن

الثورة السورية المسلحة بين الاستنزاف والتوازن

بعد انطلاق الثورة السورية ومحاولة نظام الأسد إخمادها بشتى الوسائل، مستخدما سلاح الجيش بعتاده الكامل، دخلت الثورة منعطفا تاريخيا عندما بدأ الثوار بالتسلح ليدافعوا عن أنفسهم، لم تكن المعادلة متوازنة فالنظام يفوق الثائرين بالعدة والعتاد.

حرب العصابات بداية الطريق

بدأت الثورة المسلحة بحرب العصابات حيث وجد الثوار فيها حلا لفارق القوى، ومع بدايات العام الثاني للثورة السورية أضحى الثوار مصدر رعب حتى لقيادات النظام المجرم، فقاموا بعدة عمليات حققوا فيها أهدافا مباشرة وثمينة.

أبرزها عندما طالت عملياتهم شخصيات رفيعة المستوى كوزير دفاع النظام آنذاك داود راجحة وآصف شوكت المقرب من الأسد في عملية نوعية استهـ ـدفت مبنى الأمن القومي وسط دمشق

لم تتوقف العمليات الخاطفة على ضرب رؤوس النظام بل كانت حرب العصابات تفتك بجنود الأسد ومفارزه الأمنية خاصة في الأرياف السورية، ومع زيادة عدد المجموعات الثائرة المسلحة وكثرة الضربات وامتدادها على كامل التراب السوري، بدأ النظام بالانهيار، فدخل مرحلة استنزاف بشري ومادي، مضطرا للانسحاب من مدن وبلدات وقرى كثيرة.

الانتقال من الاستنزاف إلى التوازن… تسرع في قطف الثمار

بعد التقهقر الكبير الذي أصاب قوات الأسد وتجمعهم في مناطق محددة، ازاددت رقعة المناطق المحررة فانتقل الثوار من مرحلة الاستنزاف إلى مرحلة التوازن، ما جعل اهتمام الثوار منصبا على المحافظة على مكاسبهم الجغرافية والدفاع عنها على حساب استمرار استنزاف العدو.

نقطة استطاع نظام الأسد استغلالها خاصة بعد تدخل المحتل الروسي بقوة وزج قواته لدعم نظام الأسد المتهالك، فبدأت العملية العكسية، وبدأ يستنفذ قوى الثورة من خلال قصف المناطق المحررة، حيث لم يفرق بين مدني وعسكري، وعمد المحتل الروسي على تدمير البنى التحتية بشكل مباشر، مما أثقل كاهل الثوار وشكل عبئا إضافيا على مهامهم.

حرب الجيوش نجاح لم يكتمل

يمكن اعتبار بداية حرب الجيوش في الثورة السورية في العام الثاني حيث إنها كانت موازية لحرب العصابات في بعض المناطق إلا أنها لم تكن متميزة بعد، فنظرا لقلة خبرة الثوار كانت الخطط العسكرية مختلطة بين استراتيجيات حرب الجيوش والعصابات.

لكنها ظهرت جلية واضحة في السنوات القليلة الماضية، كمعركة “وقل اعملوا” التي أطلقها الثوار بداية ربيع 2017 التي كانت تهدف لاسترداد المناطق التي احتلتها عصابات الأسد عام 2016 وصولا إلى مدينة حماة، ومعركة “الجسد الواحد” وغيرها الكثير.

استطاعت الفصائل العسكرية في كثير من معاركها التي انتهجت فيها حرب الجيوش أن تتقدم في عمق العدو، محافظة على عنصر المفاجأة، وكانت أيضا تنزل خسائر فادحة بعصابات الأسد، مثبتة كفاءة الإدارة العسكرية للفصائل، لكنها كانت تقف عند حد معين نتيجة تحول الفصائل لقوى عسكرية ثقيلة سهلة الهدف لطائرات المحتل الروسي الذي كان يستخدم سياسة القصف السجادي.

حلول أعادة توازن القوى وأوقفت المد المغولي.

تمكنت بعض الفصائل العسكرية كتحـ ـرير الشام استخدام استراتيجيات عسكرية نوعية، كالعصـ ـائب الحمراء والانغماسيين، وهي مجموعات قليلة العدد تلقت تدريبا مكثفا للقيام بأعمال فـ ـدائية على جبهات العدو أو خلف الخطوط، وتمكنت هذه المجموعات من تنفيذ العديد من العمليات الموجعة لعصابات الأسد والمحتل الروسي، وكانت في كثير من الأحيان تصل لغرف عمليات العدو وتأسر قادتها كما حصل في بلدة كفرنبودة شمال حماة، مما أحدث إرباكا وتخلخلا لدى عصابات الأسد.

تحاول اليوم الفصائل العسكرية التشبث بالأرض والثبات فيها، رغم الخسائر التي قد تلحق بها نتيجة سياسة الأرض المحروقة من قبل المحتل الروسي الذي لا يفرق بين طفل أو رجل، لكن الفصائل طورت وتطور من أساليبها الدفاعية لتمنع تقدم المحتل، ونجحت في ذلك وهذا ما رأيناه في تلال الكبينة وجبل الزاوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى