تحليل عسكري

الخسائر الروسية بمعارك أوكرانيا وإمكانيات انسحابهم وحجم قواتهم في سوريا

إذا أردنا معرفة إمكانية انسحاب المحتل الروسي من سوريا، فعلينا أن نحلل طبيعة وجوده فيها وأن نشخص الوضع كله، ونتساءل هل وجوده في سوريا يكلفه أعباء اقتصادية؟
وهل يتكبد خسائر مرهقة في العتاد والأرواح؟
وهل تتمركز قواته فيها بأعدد كبيرة؟
وهل هو في مواجهة مباشرة على الأرض مع المجاهدين؟
باستقراء الأجوبة يتبين لنا أن المحتل الروسي لا يتكبد خسائر فادحة في العدة والعتاد في سوريا ولا يدفع أثمانا باهظة ولم تتمركز أعداد كبيرة من جنوده فيها وهو ليس في مواجهة مباشرة مع المجاهدين، بل إن التكاليف المالية للغزو دفعت من موازنات الدول المطبعة اليوم مع المجرم “بشار الأسد”، فضلا عن تأسيس الفيلق الخامس ومن ضمنه الفرقة 25 حيث قام بتدريبه تدريباً عالياً ليكون وكيلاً له على الأرض، كل هذه المعطيات تضعف احتمالية انسحابه من سوريا ولا ننسى أنه يتمركز في مواقع إستراتيجية مطلة على البحر المتوسط والذي يعد دشمة كبيرة متقدمة بوجه الناتو.
أما على المستوى الإستراتيجي فالمحتل الروسي في سياق توجه جيوسياسي شامل، لإعادة رسم خارطة تقاسم النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وليس من السهل تخليه عن توسع نفوذه الجيوسياسي فيه وهي تحقق مكاسب كثيرة من وجوده في سوريا لأن المنطقة بالنسبة له ورقة تفاوض دولية وإقليمية، خصوصاً بعد إنشاء القواعد العسكرية والسيطرة على مواقع إستراتيجية شرق المتوسط، ناهيك عن استخدام المنطقة كحقل تجارب للأسلحة الشرقية واختبار الخطوط الحمراء ونقاط الضعف لدى الناتو، وفي المحصلة فإن انسحاب المحتل الروسي يعني تراجعه الكبير أمام الناتو عدوه الأساسي.
ومن الطبيعي أن يستخدم القادة أفضل ما لديهم من الجنود في تنفيذ المهمات الحساسة والدقيقة ولقد شاهدنا فشل قوات المحتل الروسي في بداية الحرب الأوكرانية وتناقلت الأخبار وقوع خيانات من الضباط الروس وسوء تقديرهم للموقف القتالي؛ ما استدعى سحب جزء من قواتها الموجودة في سوريا وعلى رأسهم الجنرالات الذين خضعوا للتجارب العملية في الحرب السورية، ويعزى ذلك إلى الخبرة المكتسبة خلال المعارك التي قادوها في حملاتهم المعروفة في مناطق الساحل ودرعا والغوطة وأرياف إدلب ونخص بالذكر الضباط الطيارين الذين كان لهم النصيب الأكبر في كسب الخبرات من خلال تنفيذ آلاف الغارات الجوية.
وبالنظر إلى صعوبة الحالة التي تعيشها العصابة الأسدية اليوم ومحدودية الخيارات فليس أمامها إلا أحد أمرين في حال تخلي الروس عنها:
الأول لجوء رأس العصابة مع عائلته إلى موسكو وهذا الخيار واقعي لأن الدول العربية بما فيها الإمارات لا يجرؤون على استقبال الأسد كلاجئ سياسي خاصة بعد محاولة أمريكا تمرير قرار يجرم التطبيع معه وتشديدها على محاسبة مجرمي الحرب في سوريا.
الخيار الثاني: الهروب إلى الحضن الإيراني والمواجهة الحتمية مع المجاهدين وتجاهل الدول العربية التي تسعى إلى تحييد المحتل الإيراني عن المشهد السوري وقد يكون هذا الخيار أقرب إلى الواقع خاصة إذا نجحت أمريكا في كبح التطبيع مع المجرم الأسد، وإبقائه في عزلته السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى