تحليل عسكري

العقوبات الأمريكية الأوروبية على روسيا

محمد نبال قلعه جي

خضعت روسيا من قبل لسلسلة من العقوبات الاقتصادية نتيجة ضم شبه جزيرة القرم إلا أنها لم تكن بشدة العقوبات الحالية, ومن المؤكد أن القيادة الروسية وضعت في حسبانها فرض عقوبات عليها, فبعد ضم شبه جزيرة القرم حصن الكرملين الاقتصاد الروسي استعداداً لمواجهة أخرى محتملة مع الغرب.

ثم زاد أصول صندوق الثروة السيادية بنسبة 12% ليصل إلى 282 مليار دولار ورفع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى 640 مليار دولار وخفض نسبة الدين مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي بـ18% عام 2021؛ ودعت روسيا شركاءها التجاريين إلى استبدال الدولار بعملات أخرى وهددت بإسقاط الدولار من صندوق ثروتها السيادي, فالإجراءات التي اتخذتها روسيا حتى الآن لمواجهة العقوبات ليس من شأنها التخفيف من وطأتها، إذ فرضت حظر طيران استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل وطردت 755 دبلوماسياً من أراضيها.

انخفاض قيمة العملة في أي دولة يعني انخفاض القوة الشرائية وتآكل مفهوم القيمة الاقتصادية حيث أن الروبل انخفض بشكل كبير من 75 إلى 127 مقابل الدولار الواحد, وهذا يؤدي إلى العزوف عن الاستثمار وبشكل خاص الاستثمار الأجنبي لأن المستثمر يبحث عن بيئة اقتصادية مستقرة ومن أهم ملامح الاستقرار الاقتصادي استقرار سعر الصرف، فمثلاً المستثمر الذي استثمر مبلغ مليون دولار في روسيا قبل سنتين عندما حول دولاراته إلى روبل كان المبلغ 75 مليون روبل وإذا أراد الخروج اليوم من روسيا فإنه إن حول مبلغ 75 مليون روبل إلى دولار فالناتج سيكون 664 ألف دولار تقريباً أي أنه خسر ما يقارب نصف ثروته.

كما أن انخفاض سعر الصرف يؤدي إلى تآكل الاحتياطي من القطع الأجنبي ومن المعلوم أن القطع الأجنبي ضروري لعمليات الاستيراد من الخارج وانخفاض سعر الصرف يؤدي بالمحصلة إلى انخفاض مقدرة الحكومة الروسية والقطاع الخاص الروسي على تأمين مستلزماتهم من الأسواق الخارجية.

وفي المحصلة فانخفاض سعر صرف الروبل يعمل كأداة ضغط كبيرة على الاقتصاد الروسي وعلى الدولة الروسية بشكل عام وهذا من شأنه تشتيت مقدرة الآلة العسكرية الروسية في عملياتها, كما أن انخفاض سعر صرف الروبل لن يؤدي إلى زيادة الصادرات لأنه غالبا ما يترافق مع ارتفاع أسعار السلع.

أسس نظام سويفت في عام 1973م وهو مسؤول عن شبكات التعاملات المالية بين المصارف, ويقع مقر الجمعية في بروكسل, وجميع التعاملات المالية بين البنوك تجرى عبر هذا النظام, ولا يمكن أبداً القيام بأي عمليات مالية بين البنوك إلا من خلاله, مثلاً عمليات التحويل المالي وعمليات الدفع الدولية وعمليات فتح الاعتماد المستندي وكافة العمليات المالية الأخرى ويوجد لكل بنك في العالم رمز السويفت الخاص به.

فإذا أردت تحويل مبلغ من المال من بنك إلى آخر فيجب أن تمتلك رقم الآي بان أي رقم حساب الشخص أو الشركة التي تريد التحويل لها ورقم السويفت كود Swift Code لهذا البنك, ولا بد لكل بنك يتعامل مع بنوك أخرى أن يكون له سويفت كود, وإخراج روسيا بشكل جزئي من منظومة سويفت يعني الحد من مقدرة الحكومة الروسية والشركات والأفراد على التعامل مع شركات أخرى خارج روسيا وهذا يؤثر كثيرا على حركة التجارة بين روسيا والدول الأخرى, إلا أن إخراج روسيا من نظام سويفت لم يشمل قطاع الطاقة ولا تصدير النفط والغاز كما استثنى بعض البنوك الأجنبية العاملة في روسيا وبذلك يمكن اعتباره إخراجا جزئيا وليس شاملا، ولا يقلل ذلك أبداً من حدة الإجراء الذي ربما يؤدي إلى تعطيل عدد كبير من العمليات التجارية بين الشركات الروسية وشركات في دول أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى